*فخامة الرئيس عون مع وحدة الساحات* *بقلم علي خيرالله شريف* إن البصيرة التي يمتلكها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ل

عاجل

الفئة

shadow
*فخامة الرئيس عون مع وحدة الساحات*

*بقلم علي خيرالله شريف*

إن البصيرة التي يمتلكها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لا غبار عليها. ويتجلَّى ذلك في تاريخه الوطني الـمُشَرِّف وفي صدقه ونزاهته وحلمه في رفع لبنان إلى مستوى أرقى الدُول. وعندما نسمع انتقادات من فخامته، فإننا نعتبرها انتقادات الأخ لأخوته والأب لأبنائه. والأبناء والأخوة رحماء بينهم. وإن تعارضت الآراء فهي حافزٌ إلى النقاش الـمفيد لاستجلاء الحقيقة.
فخامة الرئيس خبيرٌ في حقيقة ما يُحاكُ للمنطقة من خطط ومؤامرات منذ ردحٍ طويلٍ من الزمن. والتلاقي بينه وبين الشرفاء أمثاله، كان وما زال مبنِيٌّ على وضوح الرؤية وليس على عيوب المجاملة. لذا فإن تصريحه الأخير لا يعني أن الصورة انقلبت.
إن فخامة العماد رئيس الجمهورية(وأنا أحب أن لا أقول "السابق"، لأني أعتبره ما زال يسكن في وجدان كل وطني شريف)، يعرف أن كل الذي يجري في العقود الأخيرة من الزمن هو تنفيذٌ لتلك المخططات، من اعتداءات الكيان الغاصب، إلى الربيع العربي المشؤوم، إلى تدمير سوريا، إلى تدمير اليمن والعراق وليبيا والصومال والسودان، وكل المكائد التي تضِجُّ بها وسائل الإعلام على إيران وغيرها، حتى مصر والسعودية وباقي دول الخليج والمنطقة موجودة على أجندتهم في مراحل لاحقة(ونتمنى أن تستدرك هذه الدول المؤامرة قبل فوات الأوان).
إن فلسطين هي في قلب المنطقة وصمبمها، لأنها المكان الذي يرزح عليه كيان الاحتلال الإسرائيلي، وهي رأس الحربة لتنفيذ كل المؤامرات علينا منذ ما قبل سايكس بيكو إلى وقتنا الحاضر. ولا شك أن سيادة العماد ميشال عون يعرف أن أهم مبادئ النيوليبرالية ومن لَفَّ لفَّها وتَفَرَّع عنها، هو أن "الولايات المتحدة الأميركية هي ضرورة للعالم لِحِفظِ الأمنِ فيه"(كما يدعون) وأن إسرائيل هي مُمَثِّلة لمصالح الولايات المتحدة في غرب آسيا. ويقول هذا المبدأ أنه لكي تتمكن أميركا من تنفيذ دورها، يجب أن تبقى هي الأقوى ويجب تدمير أي قوة مناوئة لها، وعلى رأسها روسيا والصين. وبالتالي يجب أن تكون إسرائيل هي الأقوى في غرب آسيا وهي المهيمنة والحاكمة والـمُتَحَكِّمَة. ويقول ثاني أهم مبدأ من مبادئ النيوليبرالية أنه يجب تقسيم الدول العربية والإسلامية إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية، تتناحر فيما بينها بشكلٍ يُمَكِّنُهم من السيطرة على ثرواتها ومن ضمان أمن إسرائيل. وطبعاً فلسطين هي النواة والمحور في تلك الخطط، وهي النواة والمحور في التصدي لها. ومن هنا تدعم اميركا والدول الغربية سراً وعلانيةً، مسألة تهويد فلسطين وتشريد من بقي من أهلها في إطار نكبةٍ فلسطينيةٍ ثانية، يقومون بتنفيذها حالياً عبر المجازر والحصار والتجويع، وللأسف بالتحالف مع بعض الأنظمة العربية التي ربما هي لا تعرف ماذا ينتظرها، أو ربما هي تعرف ولكنها منخرطة حتى العظم بتنفيذها).
بناءً على ما تقدَّم، إن كل دولة عربية تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يجري، هي بمثابة الخروف الذي ينتظر ذبحه ولا يحرك ساكناً لاتِّقاء ذلك الذبح. فأي حيادٍ تجاه ما يجري هو تسهيل لحصوله، وهو بمثابة دعمٍ له بقصدٍ أو بدون قصد. والتدخل للتصدي له هو تماماً كالتدخل للتصدي للمؤامرة التي جرت وما زالت تجري على سوريا. ولا نقول هذا الكلام انطلاقاً من انتمائنا لبيئة الم-قا-ومة وتأييدنا لها، بل ندعو الجميع إلى قراءة ما قاله الكثير من الكُتَّاب الغربيين(شهد شاهدٌ من أهلهم) عن ما يجري على الساحة العربية، من العراق إلى سوريا واليمن ولبنان وغيره. ومن هؤلاء الكُتَّاب الدبلوماسي الفرنسي السابق ميشال ريمبو في كتابه "عاصفة على الشرق الأوسط والكبير" وفي كتابه "حروب سوريا"، وما كتبه الدبلوماسي الفرنسي السابق رولان أورو في كتابه "فرنسا والناتو في سوريا، التضليل الكبير". ويوجد الكثير من الكتاب الآخرين من إعلاميين وساسيين غربيين وشرقيين كتبوا مذكراتِهم بعد خروجهم من الحكم في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا وغيرها.
ضمن هذا السياق، إن التدخُّل لمساندة الغزاويين هو أمرٌ لا بد منه، ففي الحياد هناك موتٌ مُحَتَّم حتى ولو كان مؤجَّلاً إلى حين، أما التدخُّل فيعني العمل قدر الـمستطاع على درء الخطر، وبالتالي هناك احتمال درء الموت الـمُحَتَّم. وقد أثبتت سُنَنُ التاريخ أن إرادة الشعوب تنتصر حتماً مهما بلغت التضحيات.
من هنا، نحن نعرف أن ذلك لا يغيب عن فخامة الرئيس وعن حِدَّةِ بصيرته وسِعَةِ اطلاعِه، وأنَّ تدخل الـمُ-قا-و-مة لمساندة غزة، هو لمصلحة لبنان قبل مصلحة غزة. وأي هزيمة للم-قا-و-مة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية وفلسطين كلها، لا سمح الله، هو نسخة طبق الأصل عن هزيمة سوريا لو كانت حصلت، ولا جدال في انعكاسها الـمُدَمِّر على لبنان وكل دول المنطقة. وليست المسألة مسألة وجود اتفاق دفاع مشترك أو عدم وجوده.
يا فخامة الرئيس العزيز والحبيب، بعد جزيل التحية والاحترام لشخصكم الكريم ولتيارِكُم الوطني الحر الأصيل، إن ما نعرفه عن سيرتِكُم الـمُشَرِّفة يجعلنا نستنتج أنكم مع وحدة الساحات إلى جانب غزة. وأكثر من ذلك نقول ليس المستغرب أن الـ-مقا-ومة اعتمدت نهج وحدة الساحات، بل الـمُستَغرَب هو أن يتخلى اللبنانيون والعرب عن هذا النهج الوحيد الذي يمكنهم من تحصين أنفسِهِم من الخطر المتربص بهم. وليس العدوان على غزة سوى السكين التي تُشحَذُ وتتهيأ لقطع رِقابَنا جميعاً، من كل البلدان والطوائف والمذاهب والاتجاهات السياسية.

الاثنين 11 آذار 2024

الناشر

zolfikar Yazbek
zolfikar Yazbek

shadow

أخبار ذات صلة